تخيل معي، أثناء حضورك لعرض مسرحية البؤساء لفيكتور هوجو، وعند بداية أغنية (هل تسمع الشعب يغني) تتفاجئ بأن القابع بجانبك قد (هزّ وسطه) وتمايل وتراقص بشكل يشابه نشاز أغلب الشيلات الحالية حتى بعد تعديل (الأوتو تونز) !!
عند الذهاب إلى أي حفل فني، موسيقياً كان أو مسرحي أو الإثنان معاً فإنك تعلم قبل ذهابك نوع وشكل الفن المقدم، فلا يعقل أن تقوم و (تهزّ وسطك) بين الجمهور وأنت تحضر عرض البؤساء مثلاً، وغالباً لا يعقل أن تقوم و (تهزّ وسطك) بين الجمهور في أي وقت وأي مكان !! ولا يمكن تخيل أنك تنتظر عمقاً وتحليلاً للأوضاع الإنسانية والإجتماعية وأنت تحضر عرضاً مليئاً "بالطراقات" و إفيهات (الإفيه: النكتة المسرحية) "طالع خشمك وش كبره" حتى وأن كان حضورك بسبب ظرف "طارق علي"، عفواً اقصد "طارئ عليك" !!
من يتابع المرحلة الأخيرة من علاقة الجمهور السعودي مع الفنون الحية يجد أن هناك فقرا وإجدابا تجاه الفن، تجاه المسرح، تجاه العرض. تجد دموع الأستاذ محمد عبده تنهمر وهو يصدح «ما ترحم اللي وسّمت فيه عبرة» وجزء من الجمهور يتمايل ويرقص وهو «متلطم» وكأن الذي يمسك بعوده على المسرح يقدم فقرة راقصة!
هناك حالة من النطنطة تجتاح الجمهور السعودي، حالة من الانفجار الداخلي وكأن الجمهور يقول لماذا منعتني من العيش بشكل طبيعي؟، نحضر عرضاً فنياً مسلحين بالوعي، نميز الحفل الموسيقي من المسرحي من الراقص، نجلس بهدوء عندما نستمع إلى موسيقى تتطلب منا الاستماع، نشاهد بعين المتذوق لكي نسمح لمن يستحق بالبقاء ونرفض من لا يستحق.
قبل أقل من 20 عاما على مسرح المفتاحة في أبها، كان الجمهور «المنطنط» قلة وظهورهم كان واضحا أنه شاذ عن السائد، فالسائد في ذلك الحين أن الكل يجلس بأناقة ويستمع بأناقة ويعلم أن هناك فنانين وعازفين على المسرح يستحقون أن نجعل من آذاننا منزلاً رحباً نستقبل فيه نغماتهم.
من غير المقبول أن يبقى الحال هكذا، نحن أكبر جمهور في المنطقة الخليجية والعربية المحيطة «باستثناء مصر»، والإعلام الخليجي والعربي يستهدف المتلقي السعودي في أغلب إنتاجاته، فعندما يعيش المتلقي السعودي حالته الطبيعية في التعامل مع فنونه المحلية وتكون الحالة الفنية حالة شعبوية طبيعية، سيتغير شكل الفن في المنطقة وسيخرج لنا جمهور ازداد لديه الوعي الفني وازدادت لديه الخيارات الترفيهية، وعلى صعيد مقابل سينتعش السوق الفني المحلي وتتحرك عجلة الإنتاج لتنتج فرصاً كبيرة جداً للمواهب المحلية، عندها ستتقلص المساحة الخاصة بالنطنطة والمنطنطين.
*سينمائي سعودي
عند الذهاب إلى أي حفل فني، موسيقياً كان أو مسرحي أو الإثنان معاً فإنك تعلم قبل ذهابك نوع وشكل الفن المقدم، فلا يعقل أن تقوم و (تهزّ وسطك) بين الجمهور وأنت تحضر عرض البؤساء مثلاً، وغالباً لا يعقل أن تقوم و (تهزّ وسطك) بين الجمهور في أي وقت وأي مكان !! ولا يمكن تخيل أنك تنتظر عمقاً وتحليلاً للأوضاع الإنسانية والإجتماعية وأنت تحضر عرضاً مليئاً "بالطراقات" و إفيهات (الإفيه: النكتة المسرحية) "طالع خشمك وش كبره" حتى وأن كان حضورك بسبب ظرف "طارق علي"، عفواً اقصد "طارئ عليك" !!
من يتابع المرحلة الأخيرة من علاقة الجمهور السعودي مع الفنون الحية يجد أن هناك فقرا وإجدابا تجاه الفن، تجاه المسرح، تجاه العرض. تجد دموع الأستاذ محمد عبده تنهمر وهو يصدح «ما ترحم اللي وسّمت فيه عبرة» وجزء من الجمهور يتمايل ويرقص وهو «متلطم» وكأن الذي يمسك بعوده على المسرح يقدم فقرة راقصة!
هناك حالة من النطنطة تجتاح الجمهور السعودي، حالة من الانفجار الداخلي وكأن الجمهور يقول لماذا منعتني من العيش بشكل طبيعي؟، نحضر عرضاً فنياً مسلحين بالوعي، نميز الحفل الموسيقي من المسرحي من الراقص، نجلس بهدوء عندما نستمع إلى موسيقى تتطلب منا الاستماع، نشاهد بعين المتذوق لكي نسمح لمن يستحق بالبقاء ونرفض من لا يستحق.
قبل أقل من 20 عاما على مسرح المفتاحة في أبها، كان الجمهور «المنطنط» قلة وظهورهم كان واضحا أنه شاذ عن السائد، فالسائد في ذلك الحين أن الكل يجلس بأناقة ويستمع بأناقة ويعلم أن هناك فنانين وعازفين على المسرح يستحقون أن نجعل من آذاننا منزلاً رحباً نستقبل فيه نغماتهم.
من غير المقبول أن يبقى الحال هكذا، نحن أكبر جمهور في المنطقة الخليجية والعربية المحيطة «باستثناء مصر»، والإعلام الخليجي والعربي يستهدف المتلقي السعودي في أغلب إنتاجاته، فعندما يعيش المتلقي السعودي حالته الطبيعية في التعامل مع فنونه المحلية وتكون الحالة الفنية حالة شعبوية طبيعية، سيتغير شكل الفن في المنطقة وسيخرج لنا جمهور ازداد لديه الوعي الفني وازدادت لديه الخيارات الترفيهية، وعلى صعيد مقابل سينتعش السوق الفني المحلي وتتحرك عجلة الإنتاج لتنتج فرصاً كبيرة جداً للمواهب المحلية، عندها ستتقلص المساحة الخاصة بالنطنطة والمنطنطين.
*سينمائي سعودي